السيد فؤاد - نادية سلام
أقر مجلس النواب خلال الربع الأخير من العام الماضى، تعديلات على 4 قوانين حاكمة لمنظومة النقل البحرى خاصة بناء السفن، واستئجارها، وعملها فى الموانئ المحلية، منذمنتصف القرن الماضى، فى محاولةلمواكبة تطورات السوق، ومطالب السوق البحرية، للاستثمار فى الموانئ والأسطول البحرى بناء على مقترحات قدمتها وزارة النقل.
تطمح وزارة النقل، فى تكوين أسطول بحرى يضم 36 سفينة بحلول عام 2030 لنقل 25 مليون طن بضائع من السلع الأساسية للسوق المحلية، والوصول لحجم تداول 40 مليون حاوية منها 10 ملايين حاوية ترانزيت، مقابل 12 مليون حاوية فى الوقت الحالى، لاسيما بعد التطويرات التى نفذتها بالموانئ بقيمة تتجاوز 230 مليار جنيه خلال الفترة من 2014 حتى منتصف العام الحالى.
«المال» ناقشت التعديلات الجديدة مع عاملين فى القطاع، لتحديد روشتة العمل فى الفترة المقبلة، وتحديد إذا كانت كافية لزيادة السفن المحلية العاملة فى نقل البضائع.
بداية قال المهندس كريم سلامة، رئيس مجلس إدارة مجموعة الشرق الأوسط للاستشارات واللوجستيات، وأمين صندوق غرفة ملاحة الإسكندرية،إن بنود التعديلات جيدة، لاسيما المتعلقة بتأجير السفينة مازالت لم تحل بشكل نهائى لأن أزمة التمويل الكبير التى تتطلب عملية استئجار الناقلة البحرية أو شراءها ضخم والبنوك تتطلب ضمانة شاقة.
وأضاف «سلامة» أن تكوين أسطول وطنى بحرى قوى يتطلب تمويلًا حقيقيًا وتغيير بند قرار موافقة وزير النقل فى حالة بيع السفينة؛ لأن ذلك يجد رفضًا من جهات التمويل الدولية مثل بنك الإعمار الأوروبى على سبيل المثال، والذى يعد أهم الجهات الداعمة والممولة نشاط السفن.
وقال أمين صندوق غرفة ملاحة الإسكندرية، إن الموانئ المصرية تمنح حوافز عديدة للسفن الرافعة للعلم المصرى، واصفًا أن التصرف فى السفنمرهون بقرار وزير النقل، وكثيرًا ما تم المطالبة بتعديل هذا النص.
وقال سلامة إن مصر لديها موانئ محورية على البحر المتوسط، وهى بورسعيد ودمياط وأبو قير والإسكندرية، بجانب موانئ منافسة محورية بالمنطقة خاصة فيتركيا، مما يتطلب تشجيع وبناء أسطول لسفن الروافد «الفيدر» التى تتراوح حمولتها ما بين 1200 و2000 حاوية مكافئة وتتعدى قيمتها 20 مليون دولار.
أوضح مصدر مسئول بقطاع النقل البحرى، أن القطاع قطع شوطًا كبيرًا فى إجراء تعديلات القانون، وذلك بعد التشاور مع عدد من رجال الأعمال وشركات الملاحة التى تعمل فى نشاط إدارة وتملك وتشغيل السفن، وهناك مقترحات أخرى لتعديل بعض التشريعات الأخرى بناء على طلب مجتمع الأعمال والاستثمار.
ضمت قائمة تعديل التشريعات الرسوم المقرر تحصيلها فى عملية التسجيل، والتفتيش، وآليات منح السفن الجنسية المصرية، وطرق التعامل مع الناقلات البحرية المستأجرة من الخارج.
تصدرت التعديلات القانون الأول رقم 156 لسنة 1980 المتعلق برسوم التفتيش البحرى، لينص صراحة على اعتماد آلية حساب مقابل الخدمات المقدمة للسفن من الإدارة المركزية لرقابة دولة العلم بالهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية، بناء على الحمولة الكاملة للسفينة، وليس للتقديرات التى تحددها جهات الترخيص.
حددالنص الجديد فى القانون الرسومبواقعتحصيل 20 جنيهًا عن كل طن أو جزء منه إذا كانت الحمولة الكلية للسفينة لا تزيد عن 100 طن، وبحد أدنى ألف جنيه، وجمع 5 جنيهات عن كل طن يزيد عن المائة الأولى وبحد أقصى 10 آلاف جنيه،بالنسبة للسفينة البحرية، عند الرغبة فى تسجيلها لأول مرة تحت العلم المصرى.
وتسدد السفينة فى حال إعادة تسجيلها مرة أخرى أو تعديل حجم الحمولة، 10 جنيهات عن كل طن، على أن يتم محاسبة المركب المستأجرة لأول مرة وتحت العلم المصرى، بواقع 20 جنيهًا عن كل طن أن إذ كانت الحمولة الكلية لا تزيد عن 100 طن، وفى حالة التجديد لمرة ثانية تسدد 12 جنيهًا عن الطن أو جزء منه، ويتم تحصيل خمسة جنيهات وبحد أقصى 8 آلاف جنيها حمولة 20 ألف طن.
طالت التعديلات التشريع رقم 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية، لينص على زيادة العقوبة لـ 3 أشهر، وغرامة لا عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من من قام بتسيير سفينة غير مسجلة تحت العلم المصرى، مع إمكانية مصادرتها إذا تطلب الأمر، بدلًا من الغرامات الضئيلة المدرجة حاليًا فى التشريع.
وسعت التعديلات دائرة عمل الهيئة العامة للسلامة البحرية التابعة للوزارة، ليكون لها حق إصدار شهادة تسجيل السفينة تحت العلم المصرى، شريطة تقديم طلبمن المستثمر مرفق به،» اسم السفينة والترسانة المصنعة لها، والممول، والمالك، وعدد وبيانات الطاقم العامل، ونفس الشروط للمركب المراد استئجارها وتشغيلها ورفع العلم المصرى عليها.
قصرت التعديلات حالات نقل ملكية العائمة البحرية على تقديم طلب فقط لهيئة السلامة باعتبارها الجهة المنوط بهذا الأمر شاملًا كل البيانات، وإذا تمت عملية النقل أو البيع أو التنازل فى الخارج إبلاغ مكتب التسجيل القائم بأقرب قنصلية مصرية، بدلًا من الإجراءات السابقة التى تتطلب موافقة وزير النقل.
امتدت التعديلات المقترحة للقانون الثالث المتعلق بالتجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990، فلم يعد هناك إلزامًا لاكتساب السفينة الجنسية المصرية توافر نسبة معنية فى الإدارة أو رأس المال كما تشترط البنود الحالية، كما أجازت تعليقتسجيلها محليًا إذ كان يستهدف من ذلكالعمل تحت راية علم أجنبى طوال فترة الإبحار لمنح المرونة على السوق الملاحية التيتحكمها آليات التشغيل التجارى للناقلات.
فى نفس الوقت حددت التعديلات الجديدة على التشريع الأخير رقم 232 لسنة 1989 المتعلق بسلامة السفن، شروطمنح الحنسية المصرية للسفنية الجديدة ورفعها العلم المصرى، أن تسجل فى ميناء محلى، وأن تم تمويلها من شخص طبيعى أو اعتبارى مصرى.
ولحق بنفس التعديلات، بندًا ينص على إمكانية منح الجنسة المصرية للعائمة الأجنبية، فى حالة استأجرها شخص مصرى شريطة أن تكون فترة الإبحار لا تقل عن عامين.
اشترط القانون لمنح السفينةموافقة لرفع العلم المصرى، أن يتم اعتماد مواصفاتها الفنية من الجهات الحكومية المختصة، وأن كانت مسجلة بدولة أجنبية، لا يزيد عمرها عن 25 عامًا بالنسبة لسفن البضائع، و20 عامًا للركاب مع الالتزام بجدول الصيانة الدورية الموضوع بناء على العمر الافتراضى لها من تاريخ البناء الثابتبشهادة التسجيل.
من جانبه، قال قال القبطان وليد حسانين، مدير شركة تورنادو للشحن، أن التعديلات الأخيرة برفع السفن العلم المصرى غير كافية، مطالبا بضرورة الوقوف على مزايا رفع دولة «بنما» والتى تشكل 20٪ من الأسطول العالمى.
وقال إن التعديلات لم تطرح أى تسهيلات بينما عدلت العقوبات وغيرت مسميات مما يتطلب الاقتداء بنظام «بنما» التى يقدم نظامًا مرنًا يسمى بـ«التسجيل المفتوح»، إذ يمكن لأى شخص أو شركة بغض النظر عن جنسيتها تسجيل سفينته تحت علم بنما، مما يوفر تكاليف تشغيل وتسجيل منخفضة للغاية مقارنة بالدول الأخرى.
أحد رؤساء شركات الملاحة والمتخصصة فى تملك وتشغيل السفن، أشار إلى أن التعديلات لم تشبع رغبات شركات الملاحة، موضحًا أنها ركزت على تخفيف رسوم تسجيل والتفتيش على السفن لصالح وزارة النقل، وهى مطالب كان قد طالب بها القطاع الخاص منذ سنوات، إلا أن هناك العديد من البنود الأخرى التى يجب النظر إليها وتعديلها.
وأوضح أن غرف الملاحة كانت قد تقدمت بمذكرة شملت أكثر من 40 بندًا بقوانين التجارة البحرية، متسائلًا: إذا تم دخول البنود القليلة التى تم الموافقة عليها من قبل مجلس الشيوخ والنواب، فلماذا لم يتم مناقشة القوانين بالكامل، بعد تشاور مع القطاع الخاص والسوق الملاحية والتجارية.
وأشار إلى ضرورة نظر الجهات المعنية مثل وزارة النقل وقطاع النقل البحرى وغرف الملاحة فى نقل التجربة الخاصة بمنطقة بنما أو دولة اليونان وليبريا، والتى تستحوذ على العديد من السفن العالمية، نتيجة الامتيازات التى تحصل عليها السفينة، فى حين أن السفينة المصرية تدفع رسومًا تقترب من التى تدفعها نظيراتها الأجنبية، بينما المفترض منحها العديد من المزايا للعمل داخل الإقليمى المحلى.
أوضحالمهندس رامى المكاوى، مالك ورئيس مجلس إدارة شركة السويس للخطوط الملاحية والخدمات البحرية، أنتشجيع التسجيل تحت راية العلم المصرى يتطلب ضرورة إضافة تسهيلاتبالقانون المصرى وتوفير مزايا للملاك المسجلين فعليًا تحت العلم لتمكنهم من العمل خارج الحدود أو خاصة بالدول المجاورة للساحل المصرى مع تحديد وتوضيح الاشتراطات اللازمة.
وأشار «المكاوي» إلى أن تشجيع بناء أسطول وطنى يتطلب تسريع وتيرة استخراج شهادة القاطر والمقطور، وأن تكون من خلال أفرع التفتيش البحرى على مستوى الجمهورية وليس من خلال الإسكندرية فقط، بالإضافة إلى تسريع وتيرة إجراء معاينات اللاسلكى وعدم الانتظار لحين قدوم مفتش من ميناء الإسكندرية.
أسامة عدلى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، بغرفة ملاحة الإسكندرية، أشار إلى أن وزارة النقل قامت بدعوة العديد من الشركات خلال العام الماضى لقياس آراء تلك الشركات فى التعديلات المرجوة بقوانين التجارة البحرية، إلا أن التعديلات الصادرة تعد منخفضة فى حجمها.
وأوضح أن التعديلات تعد خطوة على الطريق لاستكمال خطوات أخرى مطلوبة، على قوانين التجارة البحرية، موضحًا أهمية أن ترى النور قريبًا ليشعر السوق بتأثيرها، وتعمل على زيادة حجم الأسطول المحلى.
وانتقد اللواء إبراهيم يوسف، مستشار وزير النقل الأسبق، تعديلات تسجيل السفن ورفع العلم المصرى، مؤكدًا أنها لم توفر مزايا حقيقية لدفع القطاع الخاص إلى تمويل بناء أسطول،وركز فقط علىتأجير السفن المجهزة وغير المجهزةوتغير مسميات دون الاتجاه إلى توفير عمالة حقيقة لخدمة ذلك الأسطول.
